الشاهد الآن: أن الأعمال معان ٍ وأعراض يجسدها الله وتوزن، وكذلك هنا الإيمان معنىً لا يقوم بنفسه فجسد بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها وهذا من أمور الغيب التي نؤمن بها ولا نبحث في كيفيتها، وقد تقدم معنا في الدليل الثامن من أدلة الإسراء والمعراج أن كل ممكن ورد به السمع وجب الإيمان به، وتجسيد الأعمال والموت وغيرها من المعاني ممكن وليس بمستحيل وقد ورد به السمع فيجب الإيمان به.

الأمر الثاني: أن يكون الإيمان والحكمة قد مثلا بشيء ثم أدخل مثالهما الذي يدل عليهما ويعبر عنهما في قلب نبينا عليه الصلاة والسلام وصدره ولغاديده.

ولهذا نظير: عندما (كان نبينا عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة الكسوف وتقدم ومد يده ثم تأخر وقال عرضت عليَّ الجنة والنار ومدت يدي لآخذ عنقوداً من عنب من عناقيد الجنة فلو أخذته لأكلتم منه إلى أن تقوم الساعة (والحديث في الصحيحين.

فهذا عن طريق التمثيل أم عن طريق التجسيد؟ بل هو عن طريق التمثيل، فمثل له شكل الجنة والنار في جدار القبلة عندما كان يصلي عليه صلوات الله عليه وسلامه.

فإما أنهما جسدا أو مثلا والعلم عند الله، أي ذلك وقع، فنؤمن بأنه قد حشي قلب نبينا عليه الصلاة والسلام إيماناً وحكمة.

قال أئمتنا: اشتملت هذه الحادثة على ما يدهش السامع فضلاً عن المشاهد فالسامع عندما يسمع هذه الأخبار يدهش، فكيف بنبينا عليه الصلاة والسلام الذي رأى هذا، ليعلم عظيم قدرة الله في نفسه وليتحقق من ذلك وليثبت قلبه في تبليغ دعوة الله على أتم وجه وأكلمه، لاسيما وقد حصل هذا بعد حوادث أليمة ومريرة مرت عليه كما قلنا من موت زوجه وعمه، واشتداد أذى المشركين عليه بعد ذلك عليه صلوات الله وسلامه، فانظروا إلى هذه العجائب كيف نفعلها ونحن على كل شيء قادرون.

إذن في بداية حادثة الإسراء والمعراج وقبل السير فيها شق صدر نبينا عليه الصلاة والسلام وقد شق الصدر الشريف لنبينا عليه الصلاة والسلام أربع مرات:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015