وهذه المعجزة لا يمكن لأحد أن يعارضها، ولذلك هي سالمة من المعارضة لأنه متى ما عارضها بطلت نبوة النبي، فلو قال النبي عليه الصلاة والسلام علامة صدقي أن ينشق القمر ويشير بإصبعه إلى القمر فينقلب فلقتين، ويظهر بين الفلقتين جبل حراء، فلقة عن يمينه وفلقة عن شماله ويقول مشركو مكة سحركم محمد عليه الصلاة والسلام، فقال بعض العقلاء فيهم -وليس فيهم عاقل - إذا سحرنا محمد فلن يسحر أهل الأرض، فسلوا التجار الذين سيعودون من بلاد الشام فهل رأوا انشقاق القمر في بلاد الشام في هذا الوقت أم لا؟
فلما عاد التجار من بلاد الشام سألوهم، هل انشق القمر في ليلة كذا؟ قالوا: نعم، فماذا قال المشركون (سحر مستمر) ، فهذا قد سحر أهل الأرض جميعاً هكذا زعموا وحاشاه صلى الله عليه وسلم فإذن هذه لم تقترن بدعوى التحدي وقد تقترن بدعوى التحدي لكن لا يمكن أن تعارض، فلو قال مسيلمة الكذاب أنت شققت القمر في هذه الليلة وأنا سأشقه في الليلة التي ستليها، وحقيقة لو شق لبطل صدق النبي عليه الصلاة والسلام وظهر أنه دعيٌّ وليس نبي، ولذلك اشترطنا سلامتها من المعارضة، فلا يمكن لأحد أن يعارضها، أيد الله أنبياءه بالمعجزات.
بالمعجزات أيدوا تكرُّما ... وعصمة الباري لكلٍ حتِّما