".
... قال ابن الأثير – عليه رحمة الملك الكبير – في جامع الأصول: القدرية في إجماع أهل السنة والجماعة: هم الذين يقولون: الخير من الله، والشر من الإنسان، وإن الله لا يريد أفعال العصاة، وسموا بذلك، لأنهم أثبتوا للعبد قدرة توجد الفعل بانفرادها واستقلالها دون الله – جل وعلا – ونفوا أن تكون الأشياء بقدر الله وقضائه، وهؤلاء مع ضلالتهم يضيفون هذا الاسم إلى مخالفيهم من أهل الهدى، فيقولون: أنتم القدرية حين تجعلون الأشياء جارية بقدر من الله، وأنكم أولى بهذا الاسم منا، وهذا الحديث يبطل ما قالوا، فإنه – صلى الله عليه وسلم – قال: "القدرية مجوس هذه الأمة" ومعنى ذلك: أنهم لمشابهتهم المجوس في مذهبهم، وقولهم بالأصلين، وهما: النور والظلمة، فإن المجوس يزعمون: أن الخير من فعل النور، والشر من فعل الظلمة فصاروا بذلك ثَنَوِيَّةً، وكذلك القدرية، لما أضافوا الخير إلى الله، والشر إلى العبيد أثبتوا قادِرَيْنِ خالِقَيْنِ للأفعال، كما أثبت المجوس، فأشبهوهم، وليس كذلك غير القدرية، فإن مذهبهم أن الله – عز وجل – خالق الخير والشر، لا يكون شيء منهما إلا بخلقه ومشيئته، فالأمران معاً مضافان إليه خلقاً وإيجاداً، وإلى العباد مباشرة واكتساباً (?) .