وقد هدى الله أهل السنة الكرام، للحق الذي دلت عليه آيات القرآن، وأحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: إن الله – جل وعلا – قدر الأشياء في الأزل، وشاءها، وأرادها خيرها وشرها، فلا يقع شيء إلا وفق إرادته ومشيئته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وإرادة الله – جل وعلا – تنقسم إلى قسمين:
1- إرادة شرعية: ولا تكون إلا فيما يحبه الله ويرضاه، وهي مرادفة للأمر، ومستلزمة للرضا، وقد يوجد مقتضاها، وقد يتخلف، قال الله – عز وجل –: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} الذاريات56، وقال – جل وعلا –: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ} النساء64، وتخلف المراد لا ينتج عنه أي إشكال، لأن مرد ذلك إلى الإرادة الشرعية.
... وقد يوجد مقتضاها، وقد يتخلف، والواقع أنه قد تخلف في الأكثرية الغالبية، فالله – جل وعلا – أخبرنا في الآيتين الكريمتين أنه فعل كذا لنفعل نحن كذا، يوضح هذا ما ثبت في المسند والصحيحين عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "يقول الله تبارك وتعالى – لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتدياً بها؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من هذا، وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي (أحسبه قال) ولا أدخلك النار، فأبيت إلا الشرك (?) ".