فتأمل أخي المسلم تلك النقول عن سلفنا الأتقياء لتقف على حقيقة الرجاء، فقد بدل معنى ذلك اللفظ عند السفهاء، ولم يفهموا منه إلا الجراء والجسارة على رب الأرض والسماء، قال الإمام الغزالي في الإحياء: ما لا يبعث على العمل فهو تمن وغرور، ورجاء كافة الخلق هو سبب فتورهم وسبب إقبالهم على الدنيا، وسبب إعراضهم عن الله – تبارك وتعالى – وإهمالهم السعي للآخرة، فذلك غرور، وقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الغرور سيغلب على قلوب آخر هذه الأمة وقد كان ما وعد به – صلى الله عليه وسلم – فلقد كان الناس في الأعصار الأول يواظبون على العبادات، ويؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون، يخافون على أنفسهم وهم طول الليل والنهار في طاعة ربهم، يبالغون في التقوى والحذر من الشبهات، والشهوات ويبكون على أنفسهم في الخلوات، وأما الآن فترى الخلق آمنين مسرورين مطمئنين غير خائفين مع إكبابهم على المعاصي، وانهماكهم في الدنيا، وإعراضهم عن الله – عز وجل – زاعمين أنهم واثقون بكرم الله – تبارك وتعالى – وفضله راجون لعفوه ومغفرته، كأنهم يزعمون أنهم عرفوا من فضله وكرمه ما لم يعرفه الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – والصحابة والسلف الصالحون – رضي الله تعالى عنهم – فإن كان هذا الأمر يدرك بالتمني، وينال بالهوينى فعلام إذن بكاء أولئك وخوفهم وحزنهم؟ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015