وقال – جل ثناؤه –: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} الأعراف55-56، وتقدم في هذا الكتاب المبارك ما دار بين الإمام أبي حازم وخليفة المسلمين سليمان بن عبد الملك – عليهم جميعاً رحمة الله تعالى – وفيه قول سليمان: ليت شعري ما لنا عند الله؟ – جل وعلا – فقال له أبو حازم: اعرض عملك على كتاب الله – عز وجل – قال: وأي مكان أجده؟ قال: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} الانفطار13-14، قال سليمان: فأين رحمة الله يا أبا حازم؟ فقال أبو حازم: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} الأعراف56 (?) .
وقد أخبر ربنا الكبير أن من رجا ثوابه الجزيل، فعليه العمل بما في التنزيل، مريداً بذلك وجهه الجليل، فقال – جل جلاله – في آخر سورة الكهف: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} الكهف110، قال الإمام ابن كثير – عليه رحمة الله تعالى –: " فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ " أي: ثوابه، وجزاء عمله الصالح، " فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً " أي: ما كان موافقاً لشرع الله – عز وجل –، " وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً " وهو الذي يراد به وجه الله وحده، لا شريك له: وهذان ركنا العمل المتقبل، لابد أن يكون خالصاً لله – جل وعلا – صواباً على شريعة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (?) .