وإذا كان يزيد بن حوشب يقول: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز وكأن النار لم تخلق إلا لهما، وقد علمت مما تقدم من النقول حال الحسن، فاسمع إلى حال عمر بن عبد العزيز كما تخبر من تخالطه في سره وتطلع على حقيقة أمره، ألا وهي زوجه فاطمة – رحمهم الله تعالى جميعاً – روى الأئمة الكرام ابن المبارك، وأحمد، وأبو نعيم عن المغيرة بن حكيم، قال: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك: يا مغيرة قد يكون في الرجال من هو أكثر صلاة وصوماً من عمر بن عبد العزيز، ولكن لم أر رجلاً من الناس قط كان أشد فرقاً من ربه – عز وجل – من عمر بن عبد العزيز، كان إذا دخل بيته ألقى بنفسه في مسجده، فلا يزال يبكي ويدعو، حتى تغلبه عيناه، ثم يستيقظ فيفعل مثل ذلك ليلته أجمع (?) .

وروى أبي نعيم في الحلية عن عبد السلام مولى مسلمة بن عبد الملك أن عمر بن عبد العزيز بكى فبكت زوجته فاطمة، فبكى أهل الدار، لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء، فلما تجلت عنهم العبرة قالت فاطمة: يا أبي أنت يا أمير المؤمنين مم بكيت؟ فقال: ذكرت – يا فاطمة – منصرف القوم من بين يدي الله – عز وجل – فريق في الجنة، وفريق في السعير، ثم صرخ وغشي عليه، وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا ذكر الموت انتفض انتفاض الطير، وبكى حتى تجري دموعه على لحيته (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015