سار المهتدون من التابعين، على هدي الصحابة الطاهرين، في الخوف من رب العالمين، وسيبقى ذلك ديدن الصالحين، إلى يوم الدين، جعلنا الله الكريم منهم بمنه ورحمته آمين آمين وإليك بعض نماذج من أحوالهم النفيسة، لتكون زاداً لك في هذه الدنيا الخسيسة، روى أبو نعيم في الحلية عن إمام التابعين الحسن البصري – عليه رحمة رب العالمين – أنه قال: يحق لمن يعلم أن الموت مورده، وأن الساعة موعده، وأن القيام بين يدي الله – تبارك وتعالى – مشهده، أن يطول حزنه في الدنيا، وكان يقول: إن المؤمن لا يصبح إلا خائفاً وإن كان محسناً لا يصلحه إلا ذلك، ولا يمسي إلا خائفاً، وإن كان محسناً، لأنه بين مخافتين، بين ذنب قد مضى لا يدري ماذا يصنع الله – تبارك وتعالى – فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما يصيب فيه من المهالك، وقال أيضاً: إن المؤمن قوام على نفسه يحاسب نفسه لله – جل وعلا –، وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر على غير محاسبة، إن المؤمن يفجأه الشيء بعجبه، فيقول: والله إني لأشتهيك، وإنك لمن حاجتي ولكن والله ما من وصلة إليك، هيهات قد حل بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: ما أردت إلى هذا، مالي ولهذا والله مالي عذر بها، ووالله لهذا أبداً إن شاء الله تعالى، إن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن، وحال بينهم وبين هلكتهم، إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، ولا يأمن شيئاً حتى يلقى الله – عز وجل – يعلم أنه مأخوذ عليه في ذلك كله، وقال أيضاً: المؤمن من يعلم أن ما قال الله – عز وجل – كما قال، والمؤمن أحسن الناس عملاً، وأشد الناس خوفاً، لو أنفق جبلاً من مال ما أمن دون أن يعاين – أي: الجنة، ويدخلها – لا يزداد صلاحاً وبراً وعبادة إلا ازداد فرقاً يقول: لا أنجو وكان يقول: والله لا يؤمن عبد بهذا القرآن، إلا حزن، وذبل، وإلا نصب، وإلا ذاب وتعب، والله يا بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015