* خوف الصحابة الأبرار من العزيز الغفار:

من تأول حال الصحابة الكرام تحقق عنده بالبرهان، شدة خوفهم من ربنا الرحمن، فكانوا – رضي الله تعالى عنهم – يقلون الكلام، ويبتعدون عن الحرام، ويصلون بالليل والناس نيام، وأعينهم تفيض بالدمع لرب الأنام، ثم هم في النهار فرسان في نشر دين الإسلام، وباختصار يقول الواقف على أحوالهم الحسان: إنهم كانوا في حياتهم كأنهم ينظرون إلى ما في الآخرة رؤيا عيان، روى أبو نعيم في حلية الأولياء، وابن الجوزي في صفة الصفوة أن علياً – رضي الله تعالى عنه – صلى صلاة الفجر، فلما سلم انفتل عن يمينه، ثم مكث كأن عليه كآبة، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح، قال وقلب يده: لقد رأيت أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فما أرى اليوم أحدا يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً صفراً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعزى، قد باتوا لله سجداً وقياماً، يتلون كتاب الله – جل وعلا – يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا فذكروا الله – عز وجل – مادوا كما تميد الشجرة في يوم الريح ن وخملت أعينهم حتى تبل ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين (?) .

... ولقد أخبر ابن عباس عن حال الصحابة الطيبين – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – فقال: قلوبهم بالخوف فرحة، وأعينهم باكية، يقولون: كيف نفرح والموت وراءنا، والقبر أمامنا، والقيامة موعدنا، وعلى جهنم طريقنا، وبين يدي الله – عز وجل – موقفنا (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015