".
وتلك المعاني الجليلة، كان يغرسها نبينا – صلى الله عليه وسلم – في صدور أصحابه ذوي المراتب النبيلة – رضي الله تعالى عنهم – وكانوا أشد الوجل، إذا لم يقوموا بها على الوجه الأكمل، وكان يظهر عليهم عند اقتراب الأجل، ما فيه عبرة لمن عقل، روى ابن ماجه وغيره بسند رجاله ثقات عن أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنهما – قال: اشتكي سلمان الفارسي فعاده سعد بن أبي وقاص – رضي الله تعالى عنهما – فرآه يبكي، فقال له سعيد: ما يبكيك يا أخي؟ أليس قد صحبت رسول الله – صلى الله عليه وسلم –؟ أليس؟ قال سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين، ما أبكي ضناً للدنيا، وكراهية للآخرة، ولكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عهد إليّ عهداً فما أراني إلا قد تعديت، قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إليّ أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب، ولا أراني إلا قد تعديت، وأما أنت يا سعد فاتق الله عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إلا قسمت، وعند همك إذا هممت.