أما البدعة المفسقة، فحال صاحبها متردد بين الختم له بالكفران، أو بالفسوق والعصيان، إذا لم يتكرم عليه ربنا الرحمن، بالتثبيت في ذلك الأوان، ويكون حاله كحال من اتصف بالنفاق الأصغر، كما تقدم في البلية الأولى من السبب الثاني، وذلك لأن صاحب البدعة المفسقة لا يقل دركة عن اتصاف المكلف بالنفاق، بل إن خطر البدعة أشنع باتفاق، لأن حال المبتدع بشير إلى أن الشريعة غير تامة ولا كاملة، وهو يستدرك عليها ببدعته، وهذا أسوأ أنواع الكذب، ولذلك قال الإمام مالك – رحمه الله تعالى –: وأي فتنة أعظم من أن ترى أن اختيارك لنفسك خير من اختيار الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم (?) – وقد توعد الله العظيم كل مفتر بالذلة والغضب فقال – جل وعلا –: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} الأعراف152، قال الإمام مالك – عليه رحمة الله تعالى –: ما من مبتدع إلا وهو يجد فوق رأسه ذلة، وقرأ هذه الآية، وقال سفيان بن عيينة – عليه رحمة الله تعالى –: ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلة تغشاه، قال: وهي في كتاب الله – عز وجل –.