.. بدعة مفسقة، وهي: كل بدعة ليست مكفرة، وهي دركات، وشرها ما كان متعلقاً بالاعتقادات، كبدعة المعتزلة والخوارج، والمنحرفين عن الصوفية الذين لم يصلوا إلى دركة الزنديقية، وصاحب هذه البدعة يعتبر في الدنيا من أهل الإسلام، ويعزز بما يردعه عن الزيغ والطغيان، وأما في الآخرة فيستحق العذاب الشديد، دون أن يحكم عليه بالتخليد، إذا لقي الله بالتوحيد، وتعتبر بدعته من أخبث الذنوب، ويزيد جرمها على الكبائر من المعاصي عند علام الغيوب، وقد تقدم عند بيان طرق الشياطين في إغواء المكلفين، أن الشيطان يقدم إيقاع الناس بالبدعة على إيقاعهم بالكبيرة، ولا يقدم شيئاً على إيقاعهم بالبدعة إلا الشرك، والسبب في ذلك أن المبتدع مع مضادته لشرع الرحمن، ومحادته لرب الأنام، ومشاقته لخاتم الرسل الكرام – عليه وعليهم جميعاً أفضل الصلاة وأزكى السلام – يرى نفسه أنه من أهل الإحسان، وأنه سيدخل الجنة بسلام، ولذلك فهو يزدري أهل السنة الكرام، وهذا خسران ما بعده خسران، وهيهات هيهات أن يوفق للإقلاع عما هو عليه من التزوير والخداع والبهتان، والرجوع إلى جادة الإسلام، كما قال الإمام سفيان الثوري – عليه رحمة ربنا الرحمن –: إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – عليه رحمة رب البرية –: ومعنى قوله: إن البدعة لا يتاب منها: أن المبتدع الذي يتخذ ديناً لم يشرعه الله – جل وعلا – ولا رسوله – صلى الله عليه وسلم – قد زين له سوء عمله فرآه حسناً، فهو لا يتوب ما دام يراه حسناً لأن أول التوبة العلم بأن فعله شيء ليتوب منه، أو بأنه ترك حسناً مأموراً به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسناً، وهو سيء في نفس الأمر فإنه لا يتوب (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015