إخوتى الكرام: فى موقعة حنين لما نزل النبى عليه الصلاة والسلام من بغلته وترجل على رجليه أخذ كفاً من رمل وحصى كما هو ثابت فى صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع، ثم رماها فى وجوه هوازن الذين جاءوا ورشقوا الصحابة كما قلنا برشق من نبل كأنها رجل من جراد، أى جماعة كبيرة من جراد، أخذ كفاً من تراب وحصى ثم نسفها فى وجوه القوم، فقال: شاهت الوجوه، يقول سلمة: فما خلق الله منهم إنساناً إلا ملأ الله عينيه ترابا من هذه الرمية التى رماها نبينا عليه صلوات الله وسلامه {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} ، شاهت الوجوه.
إخوتى الكرام: فى حديث سلمة أمر ينبغى أن تنتبهوا له غاية الإنتباه، وقد وهم بعض الناس فيه وهماً فاحشا قبيحا، يصان عنه نبينا عليه الصلاة والسلام ويتنزه عنه،
فى حديث سلمة رضي الله عنه يقول سلمة: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما، قوله منهزما، هذا حال من الفاعل لا من المفعول، أى مررت منهزماً برسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن فى التعبير تأخير، الأصل يقول سلمة: أنا كنت منهزما، هكذا الكلام مررت وأنا منهزم برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته البيضاء ويقول: أنا النبى لا كذب أنا ابن عبد المطلب، فقوله: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما، هذا حال من ضمير مررت وهو سلمة لا من المفعول فى قوله برسول الله عليه الصلاة والسلام، واضح هذا، يعنى ليس حال من رسول الله، حال من سلمة الذى كنى عنه بالضمير، ضمير الفاعل، مررت منهزماً برسول الله صلى الله عليه وسلم.