ومن حماقة الإنسان أن يتعلق بغير ما عنده مع أن ما عنده يسد مسد ما يتعلق به بل ربما كان ما عنده أفضل بكثير مما ليس عنده لكن دار النقص وهذه النفس كما قلت فيها النقص وفيها الفقر لذلك تتطلع إلى غير ما تملك من المشتهيات مع أن ما تملكه كما قلت يكفى النفس ويزيد عليها والسبب فى هذا قصور عقل الإنسان ونظره إلى الظاهر وعدم وصوله إلى حقيقة الأمر إلى الأمر الباطل والإمام ابن الجوزى عليه رحمة الله له نحو هذا الأمر توجيهات ونصائح سديدة ذكرها فى كتابه صيد الخاطر فمنها ما ذكره فى صفحة واحدة وستين ومائتين يقرر فيه شأن العاقل وشأن الحمقى فيقول تحت عنوان من عرف النساء رضى بزوجته يقول أكثر شهوات الحس النساء وقد يرى الإنسان امرأة فى ثيابها فيتخايل له أنها أحسن من زوجته أو يتصور بفكره المستحسنات وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة فقط فيسعى فى التزوج والتسرى فإذا حصل له مراده لم يزل ينظر فى عيوب الحاصل التى ما كان يتفكر فيها فيمل ويطلب شيئا آخر ولا يدرى أن حصول أغراضه فى الظاهر ربما اشتمل على محن منها أن تكون الثانية لا دين لها أو لا عقل لها أو لا محبة لها أو لا تدبير لها فيفوت أكثر مما حصل وهذا المعنى هو الذى أوقع الزناة فى الفواحش لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم وظهور محاسنها فتلذهم تلك الساعة هذه الساعة يعنى تدخل على نفسهم اللذة عندما جالسها من حيث الظاهر دون أن يسبر غورها وأن يعرف حقيقتها ثم ينتقلون إلى أخرى فليعلم العاقل ألا سبيل إلى حصول مراد تام كما يريد ما دام فى هذه الحياة لا يمكن أن يحصل ما يريد, ما يريد هذا لا يكون إلا فى دار كرامة الله لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015