والآفات فيها أنك لا تشتهيها إلا إذا احتجت إليها إذن هى شهوة ليست كاملة والآفة الخامسة وهى آخر ما ذكرت من الآفات وسأتبعها بالآفات التى بعدها إن شاء الله.
قلت إن حقيقة شهوة الجنس فى هذه الحياة كما هو الحال فى سائر المشتهيات الحقيقة دفع ألم بألم والتخلص من تعب بتعب هذه هى شهوات الدنيا والأمر كما قال القائل:
أصبحت فى دار البليات ... أدفع آفات لآفاتج
ولذلك لا يوجد فى هذه الحياة شهوة خالصة من جميع الوجوه وبكل الاعتبارات إلا الإيمان بالله إلا ذكر الله إلا محبة الله جل وعلا أما الشهوات الأخرى ففيها نغص ونكد قبل تناولها وعند تناولها وبعد تناولها وكنت بينت ما فى شهوة الطعام من نقص وامتهان فى مباحث سنن الترمذى وهنا شهوة الجنس أيضا كما قلت إننا نتخلص من ألم بألم وندفع تعبا بتعب فليس إذن هى لذة خالصة ولذات الدنيا كما قال أئمتنا هى كلذة الأجرب عندما يحك جلده فإذا حك الجلد خدش الجلد وسال الدم يتلذذ لكن بما يؤذيه الأجرب لا يصبر عن الحك يحك وترى الدم يسيل من جلده يتلذذ بحكه لنفسه ويؤذى نفسه ويخدش جلده ويخمش وجهه ويسيل الدم من جسمه وهو يتلذذ وهكذا الشهوات الدنيوية بأسرها بلا استثناء هى كلذة الحك عند الأجرب يلتذ بالحك لكن هل هذا لذة حقيقية لا يتلذذ بما يتأذى به وهذه شهوات الدنيا كلها وهذه هى دار النقص ودار البلاء ودار الآفات ولا عيش إلا عيش الآخرة ولو كان هناك شهوة واحدة كاملة لربما ركن الناس إليها وقالوا يوجد شهوة كاملة نتمتع بها من جميع الوجوه لا لا يوجد فى هذه الحياة شهوة كاملة خالصة لا يوجد إنما الشهوات الكاملة التى فيها نقص بوجه من الوجوه فى الدار التى من دخلها لا يمسه فيها نصب ولا يخرج منها نسأل الله أن يمن علينا برضوانه وبدار كرامته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.