لا يقبل الله العمل إلا إذا صدر من تقي قام بحق العبودية لربه على وجه التمام فإن نقض عبوديته لربه فهو من الكافرين، ولا يقبل عمله عند رب العالمين وإن خدش عبوديته لربه فعمله مردود عليه، وإن لم يخرج من دائرة العبودية لرب البرية فالله لا يتقبل إلا من المتقين كما قرر ذلك ربنا في كتابه الكريم، فقال سبحانه وتعالى في سورة المائدة عند حديثه عما جرى بين ولدي أبينا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين} .
يقول سيدنا علي رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنه وعن الصحابة الطيبين كما في كتاب التقوى لابن أبي الدنيا: لا يُقَلُّ ما تُقُبِل ثم تلى قول الله: {إنما يتقبل الله من المتقين} .
إذا قبل الله عملك هذا له شأن كبير كبير عند الله الجليل.
وثبت عن ثلاثة من الصحابة أولهم فضالة بن عبيد كما في كتاب التقوى لابن أبي الدنيا وثانيهم أبو الدرداء كما في تفسير ابن أبي حاتم وثالثهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين كما في تاريخ ابن عساكر قال هؤلاء الثلاثة كل واحد منهم يقول: لو أعلم أن الله تقبل مني ركعة أو سجدة أو صدقة كان أحب إلي من الدنيا وما عليها ثم تلى كل واحد منهم هذه الآية: {إنما يتقبل الله من المتقين} .
وزاد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الأثر المنقول عنه بعد أن تصدق بدرهم قال لو أعلم أن الله قبل مني صدقة أو سجدة لما كان غائب أحب إلي من الموت ثم تلى: {إنما يتقبل الله من المتقين} .
وتقدم معنا كلام بعض الصالحين أبي يزيد البسطامي أنه كان يقول والله لو صفت لي تهليلة لما باليت بعدها.