لولا أنني أواصل سلسلة المواعظ المتصلة حول هذا الموضوع لكان في نيتي أن أتكلم على أمر يتدارسه الناس في هذه الأيام وتتحدث عنه وسائل الإعلام ألا وهو الجامعة الغوية التي يقال لها الجامعة العربية وعلى تعبيرهم قد مضى عليها خمسون عاما، وقد أسست في الثاني والعشرين من شهر آزار والحمد لله لا ينتسبون إلى الأشهر القمرية ولا إلى السنة الهجرية فبينهم وبين خير البرية عليه الصلاة والسلام ما بين المشرقين الجامعة العربية التي أسست سنة 1945م وقد مضى عليها كما يقولون خمسون عاما تشتتا وفرقة وتناحرا وخصومة وتلاعنا هذه الجامعة التي يطنطن لها ويجرى كلام حولها مما يفري الكبد والأمة للآن ما وعت أمرها ولا طريقها وحالها كما قال القائل:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول
... ...
إخوتي الكرام:
السبب في تأسيس هذه الجامعة دولتان ملعونتان الدولة الأولى بريطانيا وهم كما قال عنهم أئمتنا الكرام أخدع من الضب وأمكر من الثعلب وأعيث من الذئب وأخبث من الشيطان والدولة الثانية فرنسا وقد لعب مندوب الدولة الأولى دورته الفظيعة حول تأسيس الجامعة العربية وأسسها هؤلاء بإيحاء من هؤلاء لأمرين اثنين:
الأول: القضاء على الخلافة الإسلامية وتشتيت المسلمين فلا بد من إثارة النعرات الوطنية والقومية وما قضي على آخر خلافة إسلامية عثمانية إلا بسلاحين بسلاح الإلحاد ونشر الفساد وبإثارة النعرات بين العباد عربية وكردية تورانية وما شاكل هذا وهنا كذلك جامعة عربية لتتخلص على تعبيرهم من الاستعمار العثماني.
الثاني: المراد من إنشائها: أن لا يفكر مسلم ما دامت الروح تتحرك فيه بإعادة الخلافة اَلإسلامية ولا بإعادة الوحدة بين المسلمين بهذا التخدير الذي يجري بينهم فهم في اتحاد ولكن كما قال الله: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} .