قال الحبوط قسمان: حبوط إسقاط بحيث يزول العمل الصالح عند الله ويكون فاعله من عداد الكافرين فهذا لا يكون إلا إذا كفر الإنسان بربه جل وعلا.
والثاني يقول حبوط موازنة وهي أن تجتمع الحسنات والسيئات فتغلب السيئات على الحسنات فهنا يحبط ثواب الحسنات بمعنى يضيع ويختفي حتى يعاقب الإنسان على تلك السيئات فإذا طهر عاد إليه ثواب الحسنات ودخل الجنة برحمة رب الأرض والسموات.
وهذا هو المعنى المراد من هذا الحديث وأما العمل فقد أورد الحافظ ابن حجر قولين في بيان المعنى الثاني منهما وهو متكلف بل باطل، والأول هو الحق المراد من العمل هنا العمل الصالح عند الله عز وجل.
أي: بطل أجره وضاع الثواب عليه، وقال بعض العلماء فقد حبط عمله، أي: عمله الدنيوي في ذلك اليوم فلا ينتفع به ولا يمتع به فإذا شغلته الدنيا عن أداء هذا الفرض يحرمه الله بركة ذلك العمل الذي قام به وشغله عن فرض ربه قول كما قلت متكلف.
إخوتي الكرام:
والسبب الذي من أجله خصت صلاة العصر من بين الصلوات الخمس بهذه الميزة العظيمة أمور كثيرة يمكن أن نجملها في أربعة أمور:
أولها:
صلاة العصر هي مظنة انشغال الناس عنها وقتها يقع بعد تعب في النهار وقيلولة ينام الإنسان فيها بعد الظهر فقد يشغل عن هذا الفرض العظيم الذي له أجر كريم عظيم عند ربنا الكريم من أجل هذا وقع هذا التغليظ والتشديد في ترك صلاة العصر.
والثاني:
صلاة العصر هي خاتمة الطاعات التي يتقرب بها الإنسان إلى رب الأرض والسموات في ذلك اليوم فهي آخر صلاة وجبت عليك في ذلك اليوم فإذا أذَّن المغرب دخلت في اليوم الثاني، واليوم يخرج يقينا بغروب الشمس.
وقد ورد ما يرشح هذا المعنى في نظائر هذا المعنى أيضا في أحاديث أخرى عن نبينا صلى الله عليه وسلم تبين أن شناعة المعصية بعد العصر أكثر من شناعتها قبل العصر ففي مسند الإمام أحمد والصحيحين والسنن الأربعة والحديث رواه شيخ الإسلام عبد الرزاق في مصنفه.