وقال ابن عباس: قول إبراهيم: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} سأل أن يجعل الله الناس يهوون السُّكْنى بمكة، فيصير بيتاً محرّماً، وكل ذلك كان والحمد لله. وأول من سكنه جُرْهُم. ففي البخاريّ ـ بعد قوله: وإن الله لا يُضيِّع أهْلَه ـ وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السّيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله، وكذلك حتى مرّت بهم رُفقة من جُرْهُم قافلين من طريق كُدَا، فنزلوا بأسفل مكة، فرأوا طائراً عائفاً فقالوا: إن هذا الطائر ليَدُور على ماء! لَعهدُنا بهذا الوادي وما فيه ماء؛ فأرسلوا جَرِيًّا أو جَرِيَّين فإذا هُم بالماء، فأخبروهم بالماء فأقبلوا. قال: وأمّ إسمعيل عند الماء؛ فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم ولكن لا حقّ لكم في الماء. قالوا: نعم. قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم: « (فألفى) ذلك أمّ إسمعيل وهي تحب الأنس» فنزلوا وأرسلوا إلى أهلهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، شَبَّ الغلامُ، وماتت أم إسمعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوّج إسمعيل يطالع تَرِكَته؛ الحديث.
القرطبي: