قال أبو جعفر: وأولى القول في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه إنْ جزاه جهنم خالدا فيها، ولكنه يعفو أو يتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها، ولكنه عزّ ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار، وإما أن يدخله إياها ثم يخرجه منها بفضل رحمته لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا على أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعا} .

فإن ظنّ ظانّ أن القاتل إن وجب أن يكون داخلاً في هذه الآية، فقد يجب أن يكون المشرك داخلاً فيه، لأن الشرك من الذنوب، فإن الله عزّ ذكره قد أخبر أنه غير غافر الشرك لأحد بقوله: {إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} والقتل دون الشرك.

ابن كثير:

يقول تبارك وتعالى: قل يا محمد لهؤلاء الكافرين الزاعمين أنك مجنون {إنما أعظكم بواحدة} أي إنما آمركم بواحدة وهي {أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة} أي تقوموا قياماً خالصاً لله عز وجل من غير هوى ولا عصبية، فيسأل بعضكم بعضاً هل بمحمد من جنون. فينصح بعضكم بعضاً {ثم تتفكروا} أي ينظر الرجل لنفسه في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ويسأل غيره من الناس عن شأنه إن أشكل عليه، ويتفكر في ذلك، ولهذا قال تعالى: {أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة} هذا معنى ما ذكره مجاهد ومحمد بن كعب والسدي وقتاده وغيرهم، وهذا هو المراد من الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015