حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: أن رجلاً من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبيّ صلى الله عليه وسلم الدية قبلها، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله. قال ابن جريج وقال غيره: ضرب النبيّ صلى الله عليه وسلم ديته على بني النجار، ثم بعث مِقْيَسا وبعث معه رجلاً من بني فهر في حاجة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فاحتمل مقيس الفهري وكان أيّدا، فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، ثم أُلفي يتغنى:
قَتَلْتُ بِهِ فِهْرا وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ ... سَرَاةَ بني النَّجَّار أرْبابِ فارعِ
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أظُنُّهُ قَدْ أحْدَثَ حَدَثا، أمَا وَاللهِ لَئِنْ كانَ فَعَلَ لا أُؤَمِّنُهُ فِي حِلٍّ وَلا حَرَمٍ، وَلا سِلْمٍ وَلا حَرْبٍ» فقتل يوم الفتح؛ قال ابن جريج: وفيه نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمِّدا} ... الآية.
وقال آخرون: معنى ذلك: إلا من تاب. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، قال: ثني سعيد بن جبير، أو حدثني الحكم، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمِّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قال: إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم، ولا توبة له. فذكرت ذلك لمجاهد، فقال: إلا من ندم.
وقال آخرون: ذلك إيجاب من الله الوعيد لقاتل المؤمن متعمدا كائنا من كان القاتل، على ما وصفه في كتابه، ولم يجعل له توبة من فعله. قالوا: فكلّ قاتل مؤمن عمدا فله ما أوعده الله من العذاب والخلود في النار، ولا توبة له. وقالوا: نزلت هذه الآية بعد التي في سورة الفرقان. ذكر من قال ذلك: