وابنُ سَلُولَ ذاق في الحَدّ خِزْية ... كما خاض في إفك من القول يُفْصِح
تعاطَوْا برجم الغيب زَوْجَ نبيِّهم ... وسخطة ذي العرش الكريم فأبرحوا
وآذوْا رسولَ الله فيها فَجُلِّلُوا ... مخازِيَ تبقى عُمِّمُوها وفُضِّحوا
فصُبّ عليهم مُحْصَدات كأنها ... شآبيب قطر من ذُرَى المُزْن تَسْفَحُ
قلت: المشهور من الأخبار والمعروف عند العلماء أن الذي حُدّ حسان ومِسْطح وحَمْنةُ، ولم يُسمع بحدٍّ لعبد الله بن أبَيّ. روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزل عُذْري قام النبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك، وتلا القرآن؛ فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضُرِبوا حدَّهم، وسمّاهم: حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحَمْنة بنت جحش. وفي كتاب الطحاوي «ثمانين ثمانين» . قال علماؤنا. وإنما لم يُحدّ عبد الله بن أبَيّ لأن الله تعالى قد أعدّ له في الآخرة عذاباً عظيماً؛ فلو حُدّ في الدنيا لكان ذلك نقصاً من عذابه في الآخرة وتخفيفاً عنه مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضي الله عنها وبكذب كل من رماها؛ فقد حصلت فائدة الحدّ، إذ مقصوده إظهار القاذف وبراءة المقذوف؛ كما قال الله تعالى: «فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون» . وإنما حدّ هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تَبِعة من ذلك في الآخرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحدود: «إنها كفارة لمن أقيمت عليه» ؛ كما في حديث عُبَادة بن الصامت. ويحتمل أن يقال: إنما ترك حدّ ابن أبيّ استئلافاً لقومه واحتراماً لابنه، وإطفاءً لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك، وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عُبَادة ومن قومه؛ كما في صحيح مسلم. والله أعلم. السابعة: قوله تعالى: {لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} هذا عتاب من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين في ظنّهم حين قال أصحاب الإفك ما قالوا.