وكان صفوان هذا صاحبَ ساقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته لشجاعته، وكان من خيار الصحابة (رضي الله عنه وعنهم) . وقيل: كان حَصُوراً لا يأتي النساء؛ ذكره ابن إسحاق من طريق عائشة. وقيل: كان له ابنان؛ يدل على ذلك حديثُه المروي مع امرأته، وقولُ النبيّ صلى الله عليه وسلم في ابنيه: «لهما أشبه به من الغراب بالغراب» . وقوله في الحديث: والله ما كَشَفْت كَنَف أنثى قطّ؛ يريد بزنًى. وقتل شهيداً رضي الله عنه في غزوة أرمِينِيَة سنة تسع عشرة في زمان عمر، وقيل: ببلاد الروم سنة ثمان وخمسين في زمان معاوية.

الرابعة: قوله تعالى: {لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ} يعني ممن تكلم بالإفك. ولم يُسَمَّ من أهل الإفك إلا حسان ومِسْطَح وحَمْنة وعبد الله؛ وجُهل الغير؛ قاله عروة بن الزبير، وقد سأله عن ذلك عبد الملك بن مروان، وقال: إلا أنهم كانوا عُصْبة؛ كما قال الله تعالى. وفي مصحف حَفْصة «عصبة أربعة» .

الخامسة: قوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} وقرأ حُميد الأعرج ويعقوب «كُبْرَه» بضم الكاف. قال الفراء: وهو وجه جيّد؛ لأن العرب تقول: فلان تولَّى عُظْم كذا وكذا؛ أي أكبره. روي عن عائشة أنه حسان، وأنها قالت حين عَمِيَ: لعل العذاب العظيم الذي أوعده الله به ذهابُ بصره؛ رواه عنها مسروق. وروي عنها أنه عبد الله بن أبَيّ؛ وهو الصحيح، وقاله ابن عباس. وحكى أبو عمر بن عبد البر أن عائشة برّأت حسان من الفِرْية، وقالت: إنه لم يقل شيئاً. وقد أنكر حسان أن يكون قال شيئاً من ذلك في قوله:

حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنَّ برِيبَةٍ ... وتُصبح غَرْثَى من لُحُوم الغَوافِلِ

حَلِيلةُ خيرِ الناس دِيناً وَمَنْصِباً ... نَبِيِّ الهُدَى والمَكْرمات الفواضل

عَقِيلةُ حَيٍّ من لُوَيِّ بن غالبٍ ... كرامِ المساعِي مَجْدُها غيرُ زائل

مُهَذّبةٌ قد طَيّب الله خِيمَها ... وطهّرها من كل شَيْن وباطل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015