* أسباب خوف المكلفين من رب العالمين

... مهما تعددت دوافع الخوف من الملك الوهاب، فإنها ترجع لثلاث أسباب، إليكم بيانها يا أولي الألباب:

السبب الأول إجلال الله وتعظيمه – عز شأنه وثناؤه –:

ويحصل ذلك الأمر الجليل، نتيجة للتأمل في الصلة بين العبد الحقير، والرب الكبير، فمن علم من حاله الضعف والفقر والاحتياج والجهل، وعلم من ربه – جل جلاله – ضد تلك الأوصاف، فهو القوي الغني ذو الجلال والإكرام، خاف رب العالمين، وأجله إجلال تعظيم، وإن كان من عباد الله المقربين، وقد أشارت إلى ذلك آيات الذكر الحكيم، ففي سورة آل عمران يقول ربنا الكريم: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ} آل عمران28-30 فكرر ربنا – جل وعلا – قوله: " يُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ " مرتين للإشارة إلى أن ما لله الجليل من صفات يحتم الخوف منه على المخلوقات، وقد تقدمت إشادة القرآن بمن خاف من مقام الرحمن، وأن ذلك يحتمل قيام الله عليه، أو قيام العبد في الآخرة بين يديه، وعلى كلا التأويلين ففي الآية دلالة على عظيم رتبة من خشي رب الكونين، لما يتصف به من صفات توجب ذلك على العباد، حيث جاء ذلك مقدماً على رتبة من خاف العذاب: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} إبراهيم14،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015