وقالت عائشة: كان الذي تولى كِبْره، والذي يجمعهم في بيته، عبد الله بن أُبّي ابن سلول. قالت: فخرجت إلى المَذْهَب ومعي أمّ مسطح، فعثرتْ، فقالتْ: تَعَس مِسْطح فقلت: غفر الله لك، أتقولين هذا لابنك ولصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت ذلك مرّتين، وما شعرت بالذي كان. فحُدثت، فذهب عنى الذي خرجت له، حتى ما أجد منه شيئا. ورجعت على أبويّ أبي بكر وأمّ رُومان، فقلت: أما اتقيتما الله فيّ وما وصلتما رحمي؟ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم الذي قال، وتحدّث الناس بالذي تحدثوا به ولم تُعْلِماني فأُخْبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: أي بنية، والله لقلما أحبّ رجل قطّ امرأته إلا قالوا لها نحو الذي قالوا لك أي بنية ارجعي إلى بيتك حتى نأتَيك فيه فرجعت وارتكبني صالِبٌ من حُمَّى، فجاء أبواي فدخلا، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس على سريري وُجاهي، فقالا: أي بينة، إن كنت صنعت ما قال الناس فاستغفري الله، وإن لم تكوني صنعتيه فأخبرني رسول الله بعذرك قلت: ما أجد لي ولكم إلا كأبي يوسف {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ} . قالت: فالتمست اسم يعقوب، فما قدرت، أو فلم أقدر عليه. فشخص بصر رسول الله إلى السقف، وكان إذا نَزَل عليه وَجَد، قال الله: {إنَّا سَنُلْقي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} فوالذي هو أكرمه وأنزل عليه الكتاب، ما زال يضحك حتى إني لأنظر إلى نواجذه سرورا، ثم مسح عن وجهه، فقال: «يا عائِشَةُ أبْشِرِي، قَدْ أنْزَلَ اللهُ عُذْرَكِ» قلت: بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد أصحابك. قال الله: {إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} ... حتى بلغ: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} . وكان أبو بكر حلف أن لا ينفع مسطحا بنافعة، وكان بينهما رَحم، فلما أنزلت: {وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ} ...