فقام سعد بن عُبادة، فقال، وهو سيد الخزرج، وكان رجلاً صالحا، ولكن احتملَتْه الحَمِيّة، فقال: أَيْ سعدَ بن معاذ، فقال لسعد بن عُبادة: كذبت، لعمر الله لنقتلَّنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان: الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهم حتى سكتوا. ثم أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في بيت أبويّ، فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي، استأذنتْ عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي قالت: فبينا نحن على ذلك، دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جلس عندي، ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل، وقد لبث شهرا لا يوحَى إليه في شأني بشيء قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: «أمَّا بَعْدُ يا عائشَةُ فإنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرّئُكِ اللهُ، وَإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ بِذَنْبٍ، فاسْتَغْفِرِي اللهَ، وَتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَف بَذَنْبِهِ ثُمَّ تابَ تابَ الله عَلَيْهِ» . فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قَلَص دمعي، حتى ما أحسّ منه دمعة قلت لأبي: أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015