" فمؤسس المذهب واصل بن عطاء الغزَّال مِنْطيق فصيح ذكي بليغ، وأبو الهذيل العلاف مناظر مفوه، وخطيب مِصْقَعٌ، كان يستشهد بثلاثمائة بيت من الشعر في مناظرته، وقد تقدم في كتاب التوحيد بيان قوة عارضته، وشدة ذكائه، وألمعيته.
... ويضاف إلى ذلك الأمر، عنايتهم بالثرثرة، وعدم الاقتصار في الكلام على الضرورة، فمجالسهم قيل وقال، وشغب وجدال، وذلك مما يخدع به السذج الجهال، وقد شهد أمير المؤمنين هارون الرشيد، باتصافهم بذلك الحال، كما تقدم قريباً فكن منه على بال.
3- تعاونهم فيما بينهم على نشر ما يدعون إليه وتساندهم في بث ما اتفقوا عليه، حتى استطاعوا في نهاية الأمر، إقناع المأمون بما يدعون إليه من وزر، فصبا إليهم ومال، وتقلد مذهب الخزي والعار، واضطهدوا أئمة السنة الأبرار، وتغيرت الأمور، وتكدرت الأحوال، وكثر البلاء واستطار، إذ تبع ذلك المذهب غفير من الأغمار، واستمر الحال على ذلك العار حتى أزاله العزيز القهار على يد المتوكل إمام الأبرار.
... وقد ضرب المتقدمون الأمثال، بتعاون المعتزلة الضلال، فقالوا معبرين عن مدى الاحتفاء والإجلال: اعتد به، كاعتداد الشيعي بالشيعي، والمعتزلي بالمعتزلي (?) – جمعنا الله على الهدى، وحفظنا من الزيغ والردى.
نشأة تلك الفرقة المنكرة، وحكمها في شريعة الله المطهرة: