فإن قيل: هل يتبعّض الصوم؟ يقول في الإجزاء لا يتبعض لكن في الأجر يتبعّض، لا بد أن تصوم يوما من أوله إلى آخره من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لكن ليس لك من الأجر إلا بمقدار ما نويت من صيام هذا اليوم فإذا نويت عند العصر فليس لك أجر، أجر إلا من العصر إلى غروب الشمس وهذا كما هو الحال في الجماعة إذا لم تدرك الجماعة فأنت ما صليت في جماعة لكن لو قدّر أنك جزءاً منها لك أجر بمقدار ما أدركت وليس أجر من أدرك تكبيرة الإحرام كأجر من أدرك الركعة الرابعة مع الصلاة فهم يتفاوتون مع أن الكل صلوا جماعة.
هذا ما يقرره الإمام أحمد وأئمتنا عليهم جميعاً رحمة ربنا وأما الإمام مالك فعنده لا يجوز للإنسان في صيام النافلة أيضاً إلا أن يُبيّت الصيام من الليل كما هو الحال في الصيام الفريضة يقول إلا إذا كان الإنسان يصوم أياماً متتابعة درجا فتسقط عنه النية كما هو الحال في نية رمضان ينوي أول ليلة ثم ليس به حاجة إلى أن يكرر النية وأما إذا أراد أن يصوم بخصوصه وأن يفطر بعده وأن يصوم يوماً بعده فلا بد من أن ينوي الصيام لكل يوم وأن تكون النية في الليل قبل طلوع الفجر كما هو الحال في صيام الفريضة. فهذا القول مع جلالة من قال به وإمامته رضي الله عنه وأرضاه فيما يظهر والعلم عند الله أنه مرجوح وقول الجمهور أرجح وبه وردت الآثار الثابتة عن نبينا المختار عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة الأبرار رضي الله عنهم أجمعين.