وفي رواية إذا لم يجمع الرجل الصيام من الليل فلا يصم، وفي رواية أخرى: "لا يصومن إلا من أجمع الصيام قبل الفجر" فلابد من نية الصيام، لأن الصيام إمساك ولابد له من نية وهو عبادة خالصة محضة لرب البرية فلا بد له من النية وقد ثبت الحديث بذلك عن نبينا خير البرية عليه وآله صلوات الله وسلامه.
إخوتي الكرام: وكما قلت على هذا اتفق أئمة الإسلام لكن اختلفوا بأمر فيه توسعة على عباد الرحمن ألا وهو: هو تشترط لكل يوم نية الصيام أو تكفي فيه الصيام في شهر رمضان في يوم منه فينوي أن يصوم شهر رمضان ولا داعي بعد ذلك كل ليلة قبل طلوع الفجر لأئمتنا الكرام في ذلك قولان كل منهما حسن مقبول وتعليله حق مبرور. القول الأول: قال به جمهور الحنفية والشافعية والحنابلة لا بد من نية كل يوم أن ينوي كما قلت من غروب الشمس إلى طلوع الفجر أنه سيصوم اليوم الذي بعد هذه الليلة لأن عبادة كل يوم مستقلة لا ارتباط لها بما قبلها ولا بما بعدها فقد يفسد ما قبلها وهي صحيحة وقد يفسد ما بعدها وهي صحيحة فليست عبادة الصيام كعبادة الصلاة نية واحدة لجميع الركعات إنا هنا كل يوم يستقل عما قبله وعما بعده فلا بد من نية خالصة له.
والإمام مالك إمام دار الهجرة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ألحق الصيام بالصلاة فقال: بما أن الصيام في هذا الشهر واجب وعليه لو نوى أن يصومه من أول يوم أجزأه، ولو لم يستحضر النية كل ليلة إلا إذا فسخ هذه النية، وأما إذا نوى أن يصوم هذا الشهر الكريم في أول ليلة منه أجزأه ذلك إلى نهاية الشهر سواء استحضر النية بعد ذلك أم لا، إلا إذا فسخ نية الصيام وقال: لا نصوم، فلا بد له بعد ذلك من نية ثانية لبقية الشهر.