.. وتحقيقاً لاستلزام كل من الخوف والرجاء للآخر، كان المؤمن يخاف من رد طاعته، ويرجو قبولها، ويخاف من العقوبة على ذنوبه، ويرجو غفرانها، ويخاف من وقوعه في النار، ويرجو السلامة منها، ويخاف من طرده من الجنة، ويرجو نيلها ودخولها.
... وذانك الأمران مع أنهما متلازمان، فهما ركنا محبة الرحمن – جل وعلا – وعلى ذلك مدار الإيمان، قال الإمام ابن القيم – نور الله مرقده –: وعلى حسب المحبة وقوتها يكون الرجاء، فكل محب راج خائف بالضرورة، فهو أرجى ما يكون لحبيبه أحب ما يكون إليه، وكذلك خوفه، فإنه يخاف سقوطه من عينه، وطرد محبوبه له، وإبعاده، واحتجابه عنه، فخوفه أشد خوف، ورجاؤه ذاتي للمحبة، فإنه يرجوه قبل لقائه والوصول إليه، فإذا لقيه ووصل إليه اشتد الرجاء له، لما يحصل له به من حياة روحه، ونعيم قلبه من ألطاف محبوبه، وبرده وإقباله عليه، ونظره إليه بعين الرضى، وتأهيله في محبته وغير ذلك مما لا حياة للمحب، ولا نعيم ولا فوز إلا بوصوله إليه من محبوبه، فرجاؤه أعظم رجاء، واجل وأتمه، فتأمل هذا الموضع حق التأمل، فإنه يطلعك على أسرار عظيمة من أسرار العبودية والمحبة فكل محبة فهو مصحوبة بالخوف والرجاء، وعلى قدر تمكنها من قلب المحب يشتد خوفه ورجاؤه، لكن خوف المحب لا يصحبه وحشة، بخلاف خوف المسيء، ورجاء المحب لا يصحبه علة بخلاف رجاء الأجير وأين رجاء المحب من رجاء الأجير؟ وبينهما كما بين حاليهما 10هـ.