هذا هو حال المؤمنين وحد الله بيننا كما قلت في العقائد والأفكار وفي الأقوال والأعمال وفي المشاعر والأحاسيس في جميع الأحوال وثبت في مسند الإمام أحمد والحديث رواه الإمام القضاعي في مسند الشهاب وأبو نعيم في الحلية وإسناده حسن بالشواهد من رواية سهل بن سعد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد يألم المؤمن لما يصيب أهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس) .
إخوتي الكرام: وحد رب العالمين بين عباده الموحدين في العقائد والأفكار في الأقوال والأعمال في الأحاسيس والمشاعر في جميع الأحوال في السراء وفي الضراء وتحقيقا لهذا الأمر أمر الله جل وعلا أن تتوحد هذه الأمة من أولها لآخرها بقضها وقضيضها عن بكرة أبيها أن تتوحد تحت إمرة حاكم واحد تحت إمرة خليفة واحد يقودها من شرقها إلى غربها ومرد الأمور فيها إليه على حسب كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وله أعوان وأمراء في أقطار الأرض إنما ينبغي أن تتوحد الأمة في جيشها وفي بيت مالها وفي جميع أحوالها تحقيقا للوحدة التي عقدها الله بين عباده الموحدين في عقائدهم في أقوالهم في أعمالهم في مشاعرهم فإذا كان الرب الذي نعبده سبحانه واحد وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم الذي نتبعه واحدا وإذا كان الدين الذي ندين به واحدا وإذا كان البيت الذي نستقبله ونتوجه إليه واحدا فعلام تتعدد دويلات المسلمين إن هذا نذير بكل سوء مبين في العاجل وعند رب العالمين.