وهذا الأثر مع صحته ومنزلة قائله يَرُد عليه اعتراض في الشق الثاني ألا وهو أن ما في القرآن {وما يدريك} لم يطلع الله نبيه عليه، عليه الصلاة والسلام يقع على هذا اعتراض واحد فقط ألا وهو ما ورد في سورة (عبس) فالله جل وعلا قال لنبيه عليه الصلاة والسلام: {وما يدريك لعله يزكى} وقد أطلع الله نبيه وأعلمه أن ابن أم مكتوم ممن يزكى ويتطهر وهو من الصحابة الكرام الأبرار، نعم ما عدا هذا الكلام سديد صحيح رشيد {وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا} لم يطلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على هذا، {وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر} .
قال أئمتنا الكرام، وحاصل أقوال المفسرين ترجع إلى هذا {ليلة القدر خير من ألف شهر} أي خير من ألف شهر، من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر
{ليلة القدر خير من ألف شهر} وألف شهر تعدل ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر إذا حسب أن الشهر ثلاثون يوماً، وإذا كان الشهر القمري يكون تسعة وعشرين وثلاثين، فلعل السنوات تصل إلى خمس وثمانين سنة، قيام هذا
الليلة يعدل عند الله عبادة خمس وثمانين سنة، {وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر} وإنما أعطى الله هذه الأمة المباركة هذا الأمر لأمرين معتبرين ورد ذكرهما في كتب التفسير: