كما قال الله جل وعلا: {ولا تحسبنَّ الله غافلاً عمَّا يعمل الظالمون إنما يخَّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار} فالأبصار لا تغمض ولا يطبق الجفن على الجفن ثم هي زائغة تدور لا تعلم ماذا سيحل بها ولا تعلم أين مصيرها إلى جنة أو إلى نار، فهؤلاء الأخيار الذين يعمرون بيوت الله في هذه الحياة يستعدون لهذا اليوم الذي {تتقلب فيه القلوب والأبصار} وهذا المعنى لتقلب القلوب والأبصار هو أرجح ما قيل في تفسير الآية من أقوال أربع، وعليه اقتصر الإمام الجليل شيخ الإسلام الإمام ابن كثير في تفسير لهذه الآية فذكر هذا المعنى ولم يذكر سواه، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام المبارك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان عليهم رحمة الله، والمعاني الثلاثة الآخرى لهذه الآية الكريمة {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} تتقلب القلوب انتقالها من حال إلى حال، فتارة تطمع في رحمة ذي العزة والجلال وترجوا النجاة في ذلك اليوم، وتارة تنقبض وتخاف، فالقلوب في ذلك اليوم بين رغبة ورهبة، ما بين أمل ووجل، وهكذا الأبصار أيضاً، تتقلب وهي زائغة لا تعلم هل ستأخذ الكتب من اليمين أو من الشمال ولا تعلم ماذا سيؤمر بها إلى جنة أو إلى نار {يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} تتقلب القلوب وتحولها من حال إلى حال، ما بين أمل ووجل، وهكذا تتقلب الأبصار.