وإلى هذا أشار الإمام البخاري عليه رحمة الله فقال باب (الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه) ثم محل استنباطه هو آخر الترجمة قال إذا كان النوح من سنته، من سنته التي جمعها سنن، أي من طريقته، بضم السين كما قال أئمتنا سنة، وفتح النون المشددة من سنته، وضبط بضم السين المهملة بعدها موحدتان، أي من سببه وهو المعنى واحد كما حقق أئمتنا شراح الحديث إذا كان النوح من سنته، أي من طريقته إذا كان النوح من سببه أي بأجله أنه هو أوصى أن ينوح أهله عليه، فإذا فعل ذلك عذب عند الله عز وجل والسبب في ذلك إنه أوصاهم بمعصية بتسخط على المقدور واعتراض على العزيز الغفور ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من يعمل بها من بعده إلى يوم القيامة.
وقد أشار إلى هذا الأمر نبينا قال: [لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها] لأنه أول من سن القتل، قابيل عندما قتل أخاه المبارك الجليل هابيل، كل نفس تقتل بعد موت هابيل إلى يوم القيامة ظلماً يتحمل قابيل وزر قتلها ولن ينقص من أجر القاتل شيء من وزره [لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم كفل منها] أي نصيب من ذلك القتل، والوزر لأنه أول من سن القتل، نعم عندنا في شريعة المطهرة، ومن سن خيراً واتبع فيه فله أجره وأجر من عمل به بعده، وهكذا إذا سن وزراً واتبع فيه فعليه وزره ووزر من عمل به بعده.