أولهما: حكمت بالبدعة والتضليل على ما احتمله الدليل وقال به إمام جليل، بل جاوزت هذا الأمر فحكمت بالبدعة على ما ورد صراحة بأدلة الشريعة المطهرة الثابتة، لأن ذلك لم يرق لعقولهم القاصرة الناقصة، أمرٌ احتمله الدليل وقال به إمام جليل، ما وسعهم ذلك فحكموا عليه بالبدعة وعلى فاعله بالتضليل، أمرٌ صرح به الدليل، لكن ما راق لعقلهم الهزيل فحكموا عليه بأنه بدعة وضلال في الدين، ومثلت لذلك بعدة أمثلة ينبغي أن نكون على علم وبينة منها، من هذه الأمثلة ما أشرت إليه سابقاً من وضع اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع كالهئية التي يكون عليه المصلي قبل الركوع، ومنها صلاة التراويح وإنها عشرون ركعة ويوتر الإنسان بثلاث، وقراءة القرآن على الموتى عند القبور، ومنها تلقين الميت، ومنها القول بأن الأموات يسمعون ما يجري عندهم ويعلمون بزيارة الأحياء لهم ويستبشرون بما يقع عندهم من طاعة، ويتألمون بما يقع في حضرتهم من معصية، وتعرضت عند هذا إلى بيان حكم زيارة النساء للقبور وبقى علينا أمر كان في نيتي أن نتدارسه في هذه الموعظة لأختم الكلام على التحذير من أقوال هذه الفرقة وهذا القول إهداء القربات بأسرها من قربات بدنية ومالية ومركبة، منها إهداء القربات إلى الأموات، كان في نيتي أن نتدارس هذا الأمر في هذه الموعظة، لكنني سأرجئ الكلام إلى الموعظة الآتية إن شاء الله، وأتكلم في هذه الموعظة على أمرٍ كنت ذكرته في الموعظة الماضية وما تمكنت من الكلام عليه، وهذا الأمر، حيث صحيح ثابت عن نبينا عليه صلوات الله وسلامه، احتمل ستة أمور، كل منها حق مقبول وقال فيه جميع هذه الأقوال التي يحتملها الحديث أئمتنا الكرام، السادس منها كما سأذكر يدل على مسألتنا التي تدارسناها ألا وهي سماع الأموات وسرورهم بما يجري عندهم من الطاعات وحزنهم وتألمهم بما يجري عندهم من المخالفات فلنتابع خطوات البحث في ذلك.