البينة الأولى:- مال لهم هذا الفرد الوحيد الذي ليس في هذا العالم موحد غيره، غير جزعٍ ولا فزعٍ ولا هياب، قال إني أشهد الله جل وعلا واشهدوا ثانية أني بريءٌ من آلهتكم والتي تبذلون في عبادتها ونصرتها أموالكم وأولادكم ثم أعلمكم ثالثة أنني أتحداكم أهل الأرض جميعاً أن تكيدوا لي وأن تنالوا مني ضراً إن قدرتم عليَّ ثم بعد ذلك وضح دعوته فقال ناصيتي ونواصيكم ونواصي العباد جميعاً في يد وقبضة الله جل وعلا فانتم أحقر وأذل أن تصيبوني بمكروهٍ، فربي على صراطٍ مستقيم، وهو العدل وسينصر من خافه، وسيخذل وينتقم مِنْ مَنْ لجأ وخاف من سواه، ثم إنه لن يتمكن أحد أن ينال منه خيراً وهو فرد وحيد ويخاطب أهل الأرض بهذا الكلام المحكم الصريح فأي حجة أقوى من هذه الحجة، وأي برهانٌ أسطع من هذا البرهان، يشهد الله ثم يشهدهم ثم يطلب منهم أن يجتمعوا عليه ثم يقول لهم مطمئناً لهم مبيناً لهم أنه لن يصلوا إليه بضرٍ لأن نواصيهم وناصيته أيضاً بيد الله والله على صراطٍ مستقيم، لا يمكن أن ينصرهم على من خاف من رب العالمين.
ومثل هذا كان يقول جميع أنبياء الله ورسله، فهذا نبي الله نوح يقول لقومه {فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمةً ثم اقضوا إليَّ ولا تنظرون} ، وهكذا يقول ربنا جل وعلا في حق نبينا - صلى الله عليه وسلم - عندما بين أحوال المشركين نحوه في سورة الطور فقال: {أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون} نعم اخوتي الكرام من خاف الله كساه الله هيبةً مهابةً في هذه الحياة وفزع منه أعداء الله في هذه الحياة وكان الخائف من الله في هذه الحياة مطمئن البال والقلب ساكن النفس كيفما جاءت المخاوف من جميع الجهات، كيف لا وهو مع الله لأنه يخافه والله معه وسيجعل الله له مخرجاً من كل شدةٍ وبلاء.
{يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم} .