.. إذا كان ربنا الجليل منفرداً بالخلق، فهو خالق كل شيء، وهو على كل شيء قدير، فإن ذلك يستلزم ملكه لمخلوقاته، فهو المالك الحقيقي، ومن عداه لا يملك شيئاً، إنما هو مخول فيما عنده، ومستخلف فيما لديه، وما نفس ابن آدم إلا أمانة، وما ملكه إلا عارية، والأمانة مؤداة والعارية مردودة، وهذا الأمر ظاهر للعيان، وبه صرحت آيات القرآن، قال ربنا الرحمن – جل وعلا – في آخر سورة يس: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} والملكوت بمعنى الملك زيدت فيه الواو والتاء للمبالغة (?) ، فملك كل شيء بيده، ومفاتيح خزائن السموات والأرض في قبضته، قال – جل وعلا – في سورة الزمر: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} الزمر63، وقد تقدم كتابة بعض الآيات الدالة على ملك رب الأرض والسموات للظرف والمظروفات.

... وتقريراً لتلك الحقيقة الحقة أخبرت آيات القرآن أن ما يملكه الإنسان فهو مخول له من جانب الرحمن – جل وعلا – ففي سورة الزمر: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} الزمر8، وفي سورة الأنعام: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} الأنعام94.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015