وإذا كان الله عزيزاً سبحانه وتعالى ينتقم ممن عصاه وممن عاد أولياءه فسيكفي عبده الموحد ضر العباد وسيدفع عنه كيدهم من حيث لا يحتسب، وقد قرأ الأخوان حمزة والكسائي من السبع وأبو جعفر من العشرة يزيد بن القعقاع وخلف من العشرة أيضاً والقراءتان متواترتان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة الجمع وهو يقرر ما ذكرت {أليس الله بكافٍ عباده} عباده الموحدين، ويدخل في هذا دخولاً أولياً أنبياء الله ورسله وكل موحد حقق التوحيد في هذه الحياة، {أليس الله بكافٍ عبده، ويخوفونك بالذين من دونه، ومن يضلل الله فما له من هاد * ومن يهد الله فما له من مضل، أليس الله بعزيزٍ ذي انتقام *} وقد أشار الله إلى هذا التقرير الذي ذكرته في أول سورة غافر فقال جل وعلا: {حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} {ذي الطول} ذي الغنى والتفضل، فهو الغني سبحانه وتعالى، وهو المتفضل على عباده لا إله غيره لا رب سواه، {إليه المصير * ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد * كذبت قبلهم قوم نوحٍ والأحزاب من بعدهم وهمَّت كل أمةٍ برسولهم ليأخذوه، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم، فكيف كان عقاب *} {أليس الله بكافٍ عباده} {فأخذتهم، فكيف كان عقاب * وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار} كما علموا في هذه الحياة وانتقم منهم رب الأرض والسموات سيلقيهم في الآخرة في أسفل الدركات وهو على كل شيءٍ قدير، {فأخذتهم، فكيف كان عقاب * وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار} .
اخوتي الكرام: إن من حقق توحيد ذو الجلال والإكرام فأفرد ربه بخوفه وبحبه ورجائه لا يخشى أحداً إلا الله جل وعلا، وقد تقدم معنا تقرير هذا موسعاً مفصلاً وسأختمه بقصتين اثنتين ثم انتقل إلى ثمرة الخوف في الآجل والآخرة إن شاء الله.