وأما اللفظ الثاني الذي أثاروا حول الحديث قالوا على التسليم أن المراد بالمعازف الغناء والمعازف هي أيضاً آلات اللهو فهذا الحديث لا يفيد تحريمها. لم؟ قال: لان هذه الدلالة اقتران، المحرم هو مجموع هذه الأمور، هؤلاء يكونون عند العلم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، فالوعيد لمن قرن بين هذه الأمور الأربعة، أما إذا غنَّى أو استعمل آلات اللهو والطرب فلا حرج عيه ولا عار، العار لأن العزف اقترن بخمر واقترن باستحلال الزنا واستحلال الحرير، فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة واقترنت هذا حرام.
وأنا أقول إنكم قلتم قولاً يضحك البهائم، فهل إذا استحل الإنسان الزنا بمفرده ليس بحرام؟ وهل إذا استحل الخمر فقط دون معازف فهو حلال؟ وهل إذا استحل الزنا فقط فهو حلال؟ وهل إذا استحل الحرير فقط فهو حلال؟
من قال هذا، إن هذه الأمور الأربعة إذا اجتمعت يزداد التحريم والتأثيم، وإذا وجد واحد منها ففعلها أيضاً حرام. وعندما قال الله في كتابه في سورة الحاقة، في حق فيمن يؤتى كتابه بشماله، ويأخذ كتابه بشماله، يقول الله جل وعلا: في {إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين *} فإذاً فيه صفتان، فما أعظم الرحمن، ولا أشفق على عباد الرحمن، لكنه كان يساعد المساكين، هل هذا سيدخل جنات النعيم؟ تقول دلالة الاقتران، لابد أن توجد فيه الصفتان؟ من قال هذا؟ فإذاً هنا قول النبي عليه الصلاة والسلام [يستحلون الحر] حرام بمفرده أو أن اجتمع مع محرم غيره؟ والحرير والخمر والمعازف.
اخوتي الكرام: إن الغناء محرم بلا خلاف عند أئمة الإسلام، وكما قلت كلامنا في هذه الموعظة مختصر حول هذا الأمر، وسأختمها بالمقاصد التي من أجلها حرم الله علينا الغناء والمعازف والمزامير، وأبرز هذه المقاصد أمران.