وخلاصة الأثر وهو صحيح كما قلت [أن المشركين اجتمعوا في دار الندوة في مكة المكرمة فبعثوا في أمر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم استقر رأيهم على أن يرسلوا إليه من يفاوضه لعله يترك دعوته، فذهب عتبة بن ربيعة فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وسلم عليه وقال له يا محمد عبت آلهتنا وسفهت أحلامنا وكفرت من مضى من آباءنا، فرقت جماعتنا فسأعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها قال قل ما عندك قال إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جعلنا لك من أموالنا حتى تكون أغنانا، وإذا كنت تريد زواجاً زوجناك أجمل بناتنا، وإذا كنت تريد ملكاً وشرفاً ملكناك وسودناك علينا فلا نقطع أمراً دونك، وإن كان هذا يأتيك رئياً من الجن جمعنا لك الأطباء وبذلنا له الأموال حتى نعالجك منه لتبرأ، فقال له النبي انتهى ما عندك، فتلا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه صدر سورة (حم فصلت) {حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتابٌ فصلت آياته قرءاناً عربياً لقومٍ يعملون * بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون} إلى قوله تعالى {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود} فقام عتبة بن ربيعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده على يده وقال يا محمد الله والرحم، والله ما عندنا شك في صدقك ولو دعوت علينا لاستأصلنا الله وأهلكنا فاتق الله فينا فبيننا وبينك قرابة، قال قد سمعت؟ قال نعم: قال أنت وذاك، فذهب إلى قومه فقالوا ما دراءك فقال لهم ما قاله الوليد بن المغيرة، ثم قال لهم أرى أن تتركوا محمداً وشأنه فإن أصابه العرب كفيتموه بغيركم وإن ظهر فملكه ملككم وعزه عزكم وشرفه شرفكم، فقال أبو جهل لقد سحرك محمد، قال هذا رأي فاصنعوا ما بدا لكم] .