وأما ما رواه الإمام مسلم في صحيحه والإمام الترمذي والإمام أبو داود في السنن والحديث رواه البيهقي أيضا وهو حديث صحيح فهو في صحيح مسلم عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر يعني عشر ذي الحجة قط فهذا الحديث الذي روته أمنا عائشة رضي الله عنها وكما قلت حديث صحيح وجَّههُ أئمتنا بتوجيهين اثنين أولهما قالوا على حسب علمها ما اطلعت وال علمت بذلك والمثبت مقدم على النافي كما أشار إلى ذلك الإمام البيهقي وغيره هذا على حسب علمها وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدور على نسائه فمن أيام التسع لعله يأتيها ليلة فلعله في تلك الليلة شغل بأمر من الأمور أو دعى فما كان عندها فما علمت بصيامه والعلم عند الله جل وعلا.
فالمثبت مقدم النافي والتخريج الثاني والتوجيه الثاني أن هذا في حال طروء عله على نبينا عليه الصلاة والسلام من مرض أو سفر أو لعلة أخرى معتبرة في الشرع كما روت أمنا عائشة رضي الله عنها والحديث في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته وعليه فلعله ترك أحيانا صيام عشر ذي الحجة باستثناء اليوم العاشر وهذا من باب التغليب لعله ترك صيام تسع ذي الحجة ترك صيامها لئلا تفرض على أمته في بعض الأحيان لكن الغالب من أحواله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصوم ذلك كما ثبت ذلك عن حفصة وأم سلمة رضوان الله عليهم أجمعين إذن هذا الأمر الثاني ينبغي أن ننتبه له إخوتي الكرام ألا وهو صيام عشر ذي الحجة باستثناء يوم النحر صيام تسع من ذي الحجة من اليوم الأول إلى نهاية التاسع.