وأما النفاق الثاني فلا شك أننا نخوض فيه ونحن داخله وهو يحيط بنا من جميع جهاتنا لكن من سلم من النفاق الأول فليحمد الله، وأما النفاق الثاني وهو النفاق الأصغر محله الأعمال كما أن النفاق الأكبر محله القلوب، وأما النفاق الأصغر محله الأعمال، كان يريد الإنسان بعلمه وعمله غير وجه ربه وهو الرياء دون أن يأتي بما يناقض الإيمان وكأن يريد العلم لوجه الله ولكنه لا يطلبه من خبر الله لا يطلبه من مشكاة رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا يعمل على حسب أمر الله، إنما يدخل عقله واجتهاده وأقيسته أو ذوقه وكشفه ووجده كما ابتليت الأمة الإسلامية بصنفين في هذا الأمر بعلماء الكلام وتنطعهم العقلي وبالمخرفين من الصوفية وتنطعهم الذوقي الكشفي.
وكنت ذكرت إخوتي الكرام ضمن مباحث النبوة على نبينا صلوات الله وسلامه أن الأدلة مهما تعددت وتنوعت تنقسم إلى قسمين لا ثالث لهما، دليل معتبر شرعي أخذ به سلفنا الكرام، ودليل مردود متبدع مذموم عول عليه المتأخرون أهل الشطط في هذه الأمة، أما الدليل الأول وهو المعتبر له قسمان أيضاً دليل الشرع من كتاب وسنة ودليل الفطرة السليمة الصحيحة المستقيمة فهذا دليل سلفي دليل شرعي كان أئمتنا يقولون عليه ويأخذون به.
وأما الدليل المبتدع المذموم فله قسمان تعمق عقلي ووجد بعد ذلك ذوقي يجده الإنسان في نفسه مع انه يرى يجب أن نطيع النبي عليه الصلاة والسلام فيما أمر ويجب أن نطيعه وأن ننتهي عما نهانا عنه وحزر ويجب أن نصدقه فيما أخبر لكنه يدخل كشفه وهوسه ووجده وذوقه كما أن ذاك يدخل تنطعه العقي في الأدلة أربعة، دليل الشرع من كتاب وسنة، دليل الفطرة المستقيمة، ودليل العقل المتعمق فيه، دليل الكشف والذوق والوجد ورضي الله عن أئمة الصوفية وذوقه.