معشر الأخوة المؤمنين أفضل بقاع الأرض وأحبها إلى الله جل وعلا المساجد كيف لا وهي بيوته وفيها نوره وهداه وقد نعت الله الذين يعمرونها بأنهم رجال ووصفهم بأربع خصال لا تلهيهم البيوع والتجارات من طاعة رب الأرض والسماوات يعبدون الله ويعظمونه ويصلون له ويسبحونه يشفاقون على عباد الله ويحسنون إليهم، ويبذلون ما في وسعهم استعداد للقاء ربهم {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقامِ الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار} .

كنا نتدارس إخواتي الكرام الصفة الرابعة من صفات هؤلاء الرجال العظام ألا وهي خوفهم من ذي الجلال والأكرام يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار وقد مر معنا تعريف الخوف وبيان منزلته في شريعة الله جل وعلا وثمرات الخوف التي يحصلها الخائفون في العاجل والآجل وكنا نتدارس الأمر الرابع من مباحث الخوف في أسباب خوف المكلفين من رب العالمين وقلت إن الأسباب مهما كثرت وتعددت وتنوعت يمكن أن ترد إلى ثلاثة أسباب:

أولهما: إجلال الله وتعظيمه.

وثانيهما: خشية العبد من ربه من أجل تفريطه في حقه وجنبه سواء كان ذلك التفريط يتعلق بالتقصير في المأمورات أو بارتكاب المنهيات المحظورات.

وقد تقدم الكلام إخواتي الكرام على هذين السببين في المواعظ الماضية وشرعنا في مدارسة السبب الثالث من أسباب خوف المكلفين من رب العالمين ألا وهو الخوف من سوء الخاتمة وقلت إن أسباب سوء الخاتمة كثيرة أيضاً ويمكن أ، ترد إلى سببين اثنين.

أولهما: الأمن على الإيمان من الذهاب والفقدان فما أحد أمن على إيمانه أ، يسلبه إلا سلبه عند موته نسأل الله أن يثبت الإيمان في قلوبنا وأن يحسن ختامنا وأن يجعل خير أيامنا يوم لقاه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وقد مر الكلام إخواتي الكرام على هذا السبب مفصلا بأدلته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015