إخوتي الكرام ولا زلنا في هذا المبحث الأول من مباحث البدعة وقلت عند هذا المبحث خل فريقان من الأنام: فريق أفرط وسع دائرة البدعة، وأدخل فيها ما ليس منها وقد مضى التحذير من هؤلاء بالمواعظ السابقة واتبعته بثلاث معالم ينبغي أن نعض عليها بالنواجذ أولها: المشرع هو الله وحده لا شريك له ولهداية الإنسان كنان: 1) شرع قديم. 2) وعقل سليم.
وبينت بعد ذلك في المَعلم الثالث منزلة الاجتهاد في الإسلام. وسننتقل في هذه الموعظة إخوتي الكرام إلى الفرقة الثانية التي ضلت في تعريف البدعة حيث فركت كما أن تلك أفرطت منذ ألفت البدعة من الإسلام كُلاً أو بعضاً واخترعت في دين الله مالم يأذن به الله وزعمت أنها تتقرب بذلك إلى الله جل وعلا وسنتدارس أحوال هذه الفرقة لنحذر منها ولنُحذر الناس منها في هذه الموعظة وفي مواعظ بعدها.
إخوتي الكرام سنتدارس في هذه الموعظة تحريف المحرفين من أهل هذا الصنف الثاني اللذين ألغَوا البدعة في الدين سنتدارس تحريفهم فيما يتعلق بدعاء الله عز وجل والالتجاء إليه في السراء والضراء سبحانه وتعالى ولبيان تحريفهم لا بد من منزلة هذه العبادة ومكانتها في شرع الله المطهر ثم أُتبِّعها بعد ذلك بالبدع التي حصلت نحو هذه العبادة من اللجوء إلى غير الله.
إخوتي الكرام: إن الدعاء عبادة عظيمة لا ينبغي أن يصرفها الإنسان إلا لمن بيده مقادير الأمور وهو على كل شيء قدير، الذي خلقك وخلق كل شيء وهو الله العلي الكبير سبحانه وتعالى وقد أمرنا ربنا بذلك وأمرنا أن ندعوه وأن نلجأ إليه في جميع أحوالنا قال سبحانه وتعالى في سورة غافر: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم..الآية. إن الذين يستكبرون عن عبادتي عن دعائي والالتجاء إليّ والتذلل في جميع أهوالهم سيدخلون جهنم داخرين.