إن المساجد هي أفضل البقاع وأحبها إلى رب الأرض والسماء ففيها نوره وهداه وإليها يأوي الموحدون والمهتدون وحقيقة حقيقة هم الرجال الذين يتصفون بأطيب الخصال لا تلهيهم البيوع والتجارات عن طاعة رب الأرض والسماوات وهم الذين يعظمون الله فيسبحونه ويصلون له وهم الذي يشفقون على عباد الله ويحسنون إليهم وهم الذين يخافون من ربهم ويستعدون للقائه في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار.
نعم إخوتي الكرام هؤلاء هم الرجال حقا أحسنوا صلتهم بربهم عز وجل وأحسنوا صلتهم بعباد الله فعظموا الله جل وعلا والوجل منه وهذا من علامة سعادتهم كما قال العبد الصالح أبو عثمان النيسابوري وهو سعيد بن إسماعيل الذي توفي سنة 298هـ للهجرة يقول هذا العبد الصالح من علامة سعادة الإنسان أن يعمل الصالحات وأن يطيع رب الأرض والسماوات ويخاف أن يكون مردودا مطرودا ومن علامة شقاوة الإنسان أن يعمل السيئات ويرجو بعد ذلك أن يكون مقبولا. وهؤلاء العباد عظموا الله عز وجل وأحسنوا إلى عباد الله وأشفقوا عليهم ومع ذلك يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار. إخوتي الكرام وهذه الصفة الرابعة التي نعتهم الله بها في القرآن كنا نتدارسها وقلت سنتدارسها ضمن مبحثين اثنين حول الخوف وحول يوم القيامة أما الخوف فقد ذكرت أننا سنتدارسه أيضا ضمن أربعة مراحل مضى الكلام على ثلاث منها فيما يتعلق بتعريف الخوف ومنزلة الخوف في شريعة الله وثمرة الخوف وما يحصله الخائف من ربه من ثمرات طيبة في العاجل والآجل في الدنيا والآخرة وبقي علينا الأمر الرابع المتعلق بالخوف ألا وهو أسباب خوف المكلفين من رب العالمين.
إخوتي الكرام إن أسباب الخوف كثيرة وفيرة وهي على تعددها أن تحصر في ثلاثة أسباب:
أولها: تعظيم الله جل وعلا وإجلاله.