[مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجلٍ بنى داراً فأجملها وأحسنها إلا موضع لبنة في زاوية من زواياها فجعل الناس يدخلون الدار ويقولون ما أجملها وموضع وما أحسنها لولا موضع هذه اللبنة، قال نبينا عليه الصلاة والسلام فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين] {قل ما كنت بدعاً من الرسل} لست بشيءٍ مخترعٍ جديد لا مثيل لي ولا نظير، تقدمني رسل كثيرون يدعون إلى عبادة الحي القيوم.

والمعنى الثاني: {قل ما كنت بدعاً من الرسل} بمعنى بصيغة اسم الفاعل،

قل ما كنت مُبتَدَعاً مخترعاً دعوة ما دعاها أنبياء الله ورسله قبلي، فما دعوتكم إلا لما دعا إليه أنبياء الله ورسله فالله أمرني وأمر من قبلي بتوحيده وعبادته وحده لا شريك له {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} (?) .

ففي هذه الدعوة التي بلَّغتها، لست بمبتدع، ولست بمنشئ شيئاً جديداً، إنما أنا أقرر ما أتى به أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، وهذا المعنى أيضاً الذي يحتمله الآية أشار إليه نبينا - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الثابت في المسند والصحيحين وسنن أبي داود من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [الأنبياء إخوة لعلاَّت أمهاتهم شتى ودينهم واحد] : أي هم نحو تبليغ رسالاتهم التي أمروا بتبليغها كالأخوة لأب في انتسابهم، أبوهم واحد ونسبتهم واحدة، وهكذا أنبياء الله دينهم واحد نسبتهم واحدة {إن الدين عند الله الإسلام} (?) .

نعم تختلف بعد ذلك فروع هذه الرسالات كما يختلف الاخوة لأب في الأمهات، فالأمهات متعددة، وفروع أنبياء الله ورسله مختلفة، لكن أصل الدين واحد {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه، الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب} (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015