قال: ثم ولينا أعمالاً ما أدري حالنا فيها وهي الطبقة والحالة الثالثة التي يتصف بها عمرو بن العاص -رضي الله عنه وأرضاه- ثم قال لولده وللحاضرين إذا أنا مت فلا يصحبنيّ نار ولا نائحة وإذا دفنتموني فسنوا عليَّ التراب سناً ثم أقيموا عند قبري) وهذا في صحيح مسلم قدر ما ينحر جزور ويوزع لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر بماذا أراجع به رسل ربي بعد الدفن أقل شيء تقيمون عند قبري بمقدار ذبح الجزور وتوزيع لحمها وهذا أقل ما يكون ساعة وإذا جلس الناس هذه الساعة ماذا سيفعلون؟ سيتكلمون في حديث الدنيا يقرءون القرآن ويصلون على النبي -عليه الصلاة والسلام- يسألون له التثبيت يدعون له؟ فأقيموا عند قبري بمقدار ما تنحر جزور ويوزع لحمها.
قال شيخنا المبارك الشيخ محمد الأمين -عليه رحمات رب العالمين- في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن في الجزء الرابع صفحة سبع وثلاثين وأربعمائة 4/437 وهذا الأثر عن عمرو ابن العاص له حكم الرفع إلى نبينا -عليه الصلاة والسلام- فنحن نجزم ضرورة بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعلم أمته وأصحابه أن الميت يستأنس بأصحابه عندما يكونون حوله، هذا كلام عمرو، وعمرو لا يمكن أن يقول هذا من قبل رأيه إنما هذا تلقاه من النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا له حكم الرفع لا يجوز لصحابي أن يتكلم في مُغَيّب من طريق رأيه واجتهاده وتخرصه فكأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأمته: إذا [دفن الميت اجلسوا عنه وأقيموا عنده هذا المقدار من أجل أن يستأنس بكم من أجل أن يحصل له تثبيت بحضوركم] كيف لا وإذا كنا نصلي عليه ونطلب له الشفاعة فلنواصل هذه الشفاعة بعد ذلك ورحمة الله -جل وعلا- واسعة، هذا الشاهد الأول وكما قلت هو في المسند وصحيح مسلم.