ومن ضبط هذه الأمور الأربعة فهو صديقٌ صديق لا يخطر في قلبه إلا حق يرضاه الله ولا ينظر إلا إلى حلال أحله الله ولا يمشي إلا لمباح أحله وشرعه الله وبعد ذلك لا يتكلم إلا بما يحب الله حقيقة إذا حصنت نفسك خارج الصلاة ستتلذذ في الصلاة وأما هذه المنافذ مفتوحة والشياطين تدخل فيها من كل جهة ثم بعد ذلك إذا صليت تقول لا أجد حلاوة الصلاة يا عبد الله ألا سددت منافذ الشيطان خارج الصلاة أضبط خطراتك ولحظاتك وخطواتك ولفظاتك فإذا ضبطت هذا وقمت تصلي واستحضرت المعنى الأول قوة المقتضى من خلق الله لك وإحسانه إليك وتقصيرك في حقه حقيقة شتخشع في صلاتك وستعيش في الصلاة ما بين رغبة ورهبة ما بين خوف ورجاء وإذا لم يحصل هذا فيك فكم من إنسان -إخوتي الكرام- يصلي ولا يُحَصِّل من صلاته إلا جزءاً يسيراً كما ثبت في مسند الإمام أحمد، وسنن أبي داود، والنسائي والحديث رواه ابن حبان في صحيحه من حديث عمار بن ياسر - رضي الله عنهم أجمعين- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال إن العبد ليصلي الصلاة وما يكتب له إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها إلا سبعها إلا ثمنها إلا تسعها حتى بلغ إلا عشرها سبحان الله كتب له واحد من عشرة هذا إن كتب له وقد أحيانا لا يكتب له شيء من صلاة وقد يرتكب وزراً وكم من إنسان يصلي ويتحمل بصلاته خطايا ما لو وزعت على أهل مدينته وحيّه وبلدته لأهلكتهم وهو يصلي وحقيقة إذا كان الإنسان يصلي وذهنه يرتع في كل نقيصة ورذيلة ما حال يسيء الأدب مع رب العالمين في حضرة مناجاته سبحانه وتعالى.
ولذلك -إخوتي الكرام- لابد من استحضار هذا من سد منافذ الشيطان الأربعة ثم استحضار بعد ذلك إحسان الله إلينا وتقصيرنا في حقنا لعل الله يمن علينا إذا استحضرنا ذلك بحلاوة مناجاته عند صلاتنا له.
نسأل الله أن يرزقنا حلاوة الإيمان وخشية على الدوام إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، أقول هذا القول واستغفر الله.