إخوتي الكرام: كنا نتدارس الصفة الثانية من صفات عباد الرحمن الذين يعمرون بيوت ذي الجلال والإكرام في الأرض ألا وهي إقامة الصلاة وقد مضى الكلام على هذه الصفة في موعظتين اثنتين وقلت إن المراد من إقامة الصلاة توفية الصلاة حقها علماً وعملاً فإذا قام الإنسان بذلك قرت عينه وابتهجت نفسه وذاق للصلاة حلاوة تتضاءل بجانبها جميع الحلوات واللذائذ والمشتهيات ويستعين الإنسان بعد ذلك بهذه الصلاة على شدائد الحياة وهذا ما كان يشير إليه نبينا -صلى الله عليه وسلم- ثبت في مسند الإمام أحمد، وسنن أبي داود بإسناد صحيح عن بعض الأنصار والأبرار - رضي الله عنهم أجمعين- والحديث رواه الإمام الداراقطني في العلل عن بلال - رضي الله عنهم أجمعين- أن -النبي صلى الله عليه وسلم- قال: يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها أقم هذه الصلاة لنستريح فيها ولنتلذذ بها فنحن نناجي الحي القيوم عندما نصلي له أقم الصلاة أرحنا بها نعم إن الراحة تحصل بالصلاة على خلاف الكُسالى والمنافقين الذين يستريحون من الصلاة وشتان شتان بين من يستريح بها وبين من يريد أن يستريح منها فيراها كأنها ضريبة وإذا قام إليها يقوم وهو متثاقل فيريد أن يستريح منها وأن يتخلص من عناءها وكأنه ما فهم من الصلاة إلا هذه الحركات المتتابعات فهو يريد الراحة منها وحال المتقين يستريحون بها [يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها] .
نعم تحصل الراحة بالصلاة فهي قرة العين كما تقدم معنا -إخوتي الكرام- وقد كان نبينا -عليه الصلاة والسلام- إذا اعتراه هم ودهاه حزن يفزع إلى الصلاة ويشرع لنا ذلك لنستعين بهذه الصلاة على كل شدة في هذه الحياة ثبت في المسند أيضاً، وسنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حَزَبَه أمر فزع إلى الصلاة أي نزل به أمرٌ مهم وشدة وحزن وكرب وغم فزع -عليه صلوات الله وسلامه- إلى الصلاة.