وقال قبل ذلك ـ علية رحمة الله ـ: وليس هذا ـ أي التذبذب والاضطراب في مسلك الرازي ـ تعمداً منه لنصر باطل. بل يقوله بحسب ما توقفه الأدلة العقلية في بحثة ونظره فإذا وجد في المعقول بحسب نظره ما يقدح به في كلام الفلاسفة قدح به، فإن من شأنه البحث المطلق بحسب ما يظهر له فهو يقدح في كلام هؤلاء بما يظهر له أنه قادح فيه من كلام هؤلاء وكذلك يطمع في الآخرين ومن الناس من يسيء به الظن. وهو أنه يتعمد الكلام الباطل، وليس كذلك، بل تكلم بحسب مبلغة من العلم والنظر. والبحث في كل مقام بما يظهر له. وهو متناقض في عامة ما يقوله، يقرر هنا شيئا ثم ينقضه في موضع آخر لأن المواد العقلية التي كان ينظر فيها من كلام أهل الكلام المبتدع المذموم عند السلف ومن كلام الفلاسفة الخارجين عن الملة يشتمل علي كلام باطل كلام هؤلاء وكلام هؤلاء، فيقرر كلام طائفة ثم ينقضه في موضع آخر بما ينقص به ولهذا اعترف في آخر عمره فقال: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفة فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طرقة القرآن أقرأ في الإثبات: ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)) (?) ، ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)) (?) وأقرأ في النفي: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) (?) ، ((وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)) (?) ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015